الأفعال المتعدية لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر


هل تساءلت يومًا عن الأفعال التي تتجاوز الفاعل لتصل إلى أكثر من مفعول واحد؟ هل فكرت في السبب وراء ذلك؟ وما هي الدلالات والمعاني التي تحملها هذه الأفعال؟ دعونا ننطلق في رحلة شيقة لاستكشاف عالم الأفعال المتعدية لمفعولين، وكشف أسرارها ودلالاتها.

في هذا المقال سنتعرف على الأفعال المتعدية لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر،وأمثلة عليها ، وإعرابها، وتمارين عليها.

الأفعال المتعدية لمفعولين
الأفعال المتعدية لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر

ما هي الأفعال المتعدية لمفعولين؟

الأفعال المتعدية لمفعولين هي تلك التي تتطلب وجود مفعولين لإتمام المعنى المقصود. بمعنى آخر، لا يكفي مفعول واحد لتوضيح الصورة، بل يجب وجود مفعولين كي يكون المعنى مكتملاً ودقيقاً.

وتعد الأفعال المتعدية لمفعولين من أبرز الظواهر النحوية في اللغة العربية، فهي تعكس قدرة اللغة على التعبير عن العلاقات المعقدة بين الكلمات والأفكار،كما أن دراسة هذه الأفعال ليست مجرد تمرين نحوي جاف، بل هي رحلة لاستكشاف أعماق اللغة العربية وفهم جمالياتها وبلاغتها.

أهمية دراسة الأفعال المتعدية لمفعولين

 دراسة الأفعال المتعدية لمفعولين من أهم جوانب دراسة النحو العربي، وذلك للأسباب التالية:

  1. الفهم الدقيق للغة: تساعد دراسة هذه الأفعال على فهم دقيق لمعاني الجمل العربية وبنائها الصرفي والنحوي.
  2. التعبير بدقة: تمكن هذه الدراسة المتحدث من التعبير عن أفكاره ومعانيه بدقة ووضوح.
  3. التحليل النحوي: تساعد في تحليل الجمل العربية وتحليل الأخطاء النحوية الشائعة.
  4. التعرف على جماليات اللغة: تكشف عن جماليات اللغة العربية وبلاغتها.

أنواع الأفعال المتعدية لمفعولين

يمكن تقسيم الأفعال المتعدية لمفعولين إلى عدة أنواع بناءً على دلالاتها ومعانيها:

  1. أفعال المنح: مثل: أعطى، منح، وهب. تدل على انتقال ملكية شيء من فاعل إلى مفعول به ثاني عن طريق مفعول به أول.
  2. أفعال اللبس: مثل: ألبس، كسا. تدل على تغطية شيء بشيء آخر.
  3. أفعال التعليم: مثل: علم، علّم. تدل على نقل معرفة أو مهارة من شخص لآخر.
  4. أفعال السؤال: مثل: سأل، استفسر. تدل على طلب شيء من شخص آخر.

خصائص الأفعال المتعدية لمفعولين: مفتاح لفهم بنية الجملة العربية

تعد الأفعال المتعدية لمفعولين من أهم أركان البناء النحوي في اللغة العربية، فهي تعكس حيوية اللغة وقدرتها على التعبير عن العلاقات المعقدة بين الكلمات والجمل.

ومن خصائص هذه الأفعال ما يلي:

  • عدد المفعولين:  تتميز هذه الأفعال بكونها تتطلب وجود مفعولين اثنين ليكتمل معناها. فمثلاً، في الجملة "أعطى المعلم التلميذ كتابًا"، نجد أن الفعل "أعطى" يتعدى إلى مفعولين هما "التلميذ" و"كتابًا". هذا يعني أن الفعل لا يكتفي بمفعول واحد بل يحتاج إلى مفعولين لتوضيح الفكرة بشكل كامل.
  • نوع المفعولين:  المميز في هذين المفعولين أنهما لا يشكلان جملة اسمية كاملة، أي لا يمكن أن يقف أحدهما مكان الآخر في الجملة. ففي المثال السابق، لا يمكننا القول "أعطى المعلم كتابًا"، لأن الجملة ستكون ناقصة المعنى.
  • الدلالة المعنوية: تحمل هذه الأفعال دلالة معينة وهي انتقال شيء من فاعل إلى مفعول به أول، ثم ينتقل هذا الشيء إلى مفعول به ثانٍ. في المثال السابق، المعلم هو الذي يعطي، والتلميذ هو الوسيط الذي يتلقى العطية وينقلها إلى الكتاب.

إن فهم خصائص الأفعال المتعدية لمفعولين يفتح لنا نافذة واسعة على بنية الجملة العربية، ويساعدنا على تحليل الجمل وفهم معانيها بشكل أكثر دقة.

أمثلة على الأفعال التي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر وتحليلها

تعد الأفعال المتعدية لمفعولين من أهم أركان البناء النحوي في اللغة العربية، وهي تعكس قدرة اللغة على التعبير عن العلاقات المعقدة بين الكلمات والجمل ، وهي كثيرة في اللغة العربية ومنها : سأل ، كسا،وهب،أعطى ، منح ،ألبس ،....إلخ 

ولنأخذ بعض الأمثلة لتوضيح هذه الأفعال وتحليلها:

مثال 1: أعطى المعلمُ التلميذَ كتابًا

الفعل الناسخ: أعطى (فعل ماض مبني على الفتح المقدر)

الفاعل: المعلمٌ  ( فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمةالظاهرة)

المفعول الأول: التلميذ (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة)

المفعول الثاني: كتابًا (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة)

في هذا المثال، الفعل "أعطى" يدل على انتقال شيء من الفاعل (المعلم) إلى مفعول به ثاني (كتابًا) عن طريق مفعول به أول (التلميذ).

مثال 2: منح الرئيس الشاعر جائزة

الفعل الناسخ: منح (فعل ماض مبني على السكون)

الفاعل: الرئيس  ( فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمةالظاهرة)

 المفعول الأول: الشاعر (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة)

المفعول الثاني: جائزة (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة)

يشبه هذا المثال المثال السابق في بنيته، حيث يدل الفعل "منح" على انتقال شيء (الجائزة) من الفاعل (الرئيس) إلى مفعول به ثاني (الجائزة) عن طريق مفعول به أول (الشاعر).

مثال 3: ألبس الأب ابنه ثوبًا جديدًا

الفعل الناسخ: ألبس (فعل ماض مبني على السكون)

الفاعل: الأب  ( فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمةالظاهرة)

المفعول الأول: ابنه (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والهاء مضاف إليه)

المفعول الثاني: ثوبًا  (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة)

في هذا المثال، الفعل "ألبس" يدل على تغطية شيء (ابنه) بشيء آخر (ثوبًا جديدًا).

مثال 4: عَلَّمَ المعلمُ الطلابَ اللغةَ العربيةَ

الفعل الناسخ: علم (فعل ماض مبني على الفتح)

الفاعل: المعلمٌ  ( فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمةالظاهرة)

المفعول الأول: الطلاب (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة)

المفعول الثاني: اللغة (منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة)

يشير الفعل "علم" هنا إلى نقل معرفة أو مهارة من الفاعل (المعلم) إلى مفعول به ثاني (اللغة العربية) عن طريق مفعول به أول (الطلاب).

ملاحظة: المفعولان: كلاهما منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة الظاهرة في هذه الأمثلة، وعند حذف الفعل والفاعل لا يصلحان أن يكونا مبتدأ وخبر.


الأفعال المتعدية لمفعولين
 الأفعال المتعدية لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر

الأفعال المتعدية لمفعولين في القرآن الكريم 

تكثر الأفعال المتعدية لمفعولين في القرآن الكريم ، وتأتي بأسلوب فصيح وبليغ يعكس عظمة اللغة العربية. 

إليك بعض الأمثلة من القرآن الكريم على الأفعال المتعدية لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، والتي يمكن تصنيفها بحسب أنواع الأفعال المتعدية لمفعولين:

1. أفعال المنح

   - قوله تعالى: "ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ"* (الأنعام: 154)  

     الفعل: آتى  

     المفعول الأول: موسى  

     المفعول الثاني: الكتاب  

     - المعنى هنا هو منح موسى الكتاب، وليس أن يكون "موسى" مبتدأ و"الكتاب" خبرًا.

   - قوله تعالى:"وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا" (مريم: 50)  

     الفعل: وهب  

     المفعول الأول: لهم (الهاء تعود على الأنبياء)  

     المفعول الثاني: من رحمتنا  

     - هنا جاء الفعل وهب بمعنى منح وأعطى، والمفعولان ليسا مبتدأ وخبرًا.

2. أفعال التعليم والإخبار 

   - قوله تعالى: "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا"(البقرة: 31)  

      الفعل: علّم  

     المفعول الأول: آدم  

     المفعول الثاني: الأسماء  

     - الفعل "علّم" هنا يدل على تعليم آدم، والمفعولان هنا ليسا مبتدأً وخبرًا، بل هما ما عُلّم آدم إياه.

هذه الأمثلة تبين دور الأفعال المتعدية لمفعولين في القرآن الكريم في توضيح المعنى بدقة، كما تظهر غنى اللغة العربية وقدرتها على التعبير بأشكال متعددة ومختلفة.

تمارين على الأفعال المتعدية لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر

التمرين الأول: اقرأ الجمل التالية وحدد الفعل والمفعولين:

  1. أعطى المعلم الطالب جائزة.
  2. سأل الفقير الغني مالًا.
  3. زينت الأم الغرفة وردًا.
  4. وهب الله الأب ولدًا.

التمرين الثاني: أكمل الجمل التالية باستخدام أحد الأفعال المتعدية لمفعولين من الأفعال (أعطى، منح، علّم، جعل، وهب) وضع مفعولين مناسبين لكل فعل.

  1. ____ الأستاذُ ____ ____ .
  2. ____ اللهُ ____ ____ .
  3. ____ الوالدُ ____ ____ .
  4. ____ المديرُ ____ ____ .
  5. ____ الخطيبُ ____ ____ .

المطلوب: اختر الفعل المناسب، ثم أضف المفعولين لإتمام المعنى في كل جملة.

التمرين الثالث : اكتب جملًا من إنشائك  باستخدام كل فعل من الأفعال التالية:

1. سأل  

2. منح  

3. أعطى 

4. وهب 

5. كسا  

الخاتمة

إن رحلتنا في عالم الأفعال المتعدية لمفعولين  ليس أصلهما المبتدأ والخبرقد أثرت في فهمنا لبنية الجملة العربية. هذه الأفعال ليست مجرد قواعد نحوية، بل هي أدوات قوية تساعدنا على بناء جمل صحيحة وواضحة.

المراجع

1. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك - ابن عقيل  

2. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب - ابن هشام الأنصاري  

3. النحو الوافي - عباس حسن  

4. التصريح على التوضيح - خالد الأزهري  

5. الأفعال المتعدية لمفعولين في اللغة العربية - د. أحمد عبد الستار  

6. الأفعال الناقصة والمتعدية: دراسة نحوية تطبيقية - د. محمود رشاد  

7. النحو العربي: دراسة في تطور قواعده - د. عبد العال حمود  

8. التفسير الكبير- فخر الدين الرازي  

9. التحرير والتنوير - ابن عاشور

د/ عبدالعزيز رأفت

كاتب ومدون

دكتوراه في الآداب



تعليقات